الكاتب: د. عبد السلام فزازي
رسالة بألف عنوان ولا عنوان..!
رسالة إلى كل من كان يدعي حبي نكالا..
كم كنت صادقا يا قلبي، ولم تكن أبدا تراود المتاه، لأنك كنت متمرسا في مدرسة الحياة أكثر مني..! وكم كنت في محرابك تدرك أن بيتك سوي من غبار، وكل من كان حوله كان يوهمك أن الحب عبارة عن صولجان، كان يعلمك ما استطاع إليه سبيلا القبض على شعاع الشمس..! بينما كانت أمانيك مصلوبة على قارعة أزمنة عاقرة..
كنت تعيش آخر فرحة العشاء الأخير، وكنت تصدق أن الفصح حضره حقاً الحواريون، بينما العدو كان وراء باب بدون مزلاج..
كنت تعتقد أنك المخلص للذوات في خميس أسرارك..
آه كم كنت غبيا.! بينما كان يراك الأنام مجرد طائر حرمل يراقص مزهوا أهداب عشتروت..!
كان العالم يا ولدي يبني لك قفصا يشبه تواشيح عجل السامري إلى أن رأيت ما رأيت، فسر من رأى..
عفوا قرأت سيرة التكوين تخرج من ضلعك الأعوج، مصلوبا مثل شمس الظهيرة.. فكنت يا ولدي، الخسوف في حضرة الكسوف..
كنت وكان.. وكان الناي يراقص يتم الربابة، والقلوب تحتملك وجوبا ولا ترضى عنك احتمالا..
كم جعلوا منك يا ولدي ابن يعقوب مصفدا اليدين والرجلين،
وما هم من قطعن أيديهن وقد حصحص الحق في حضرة صرح ممرد بالاباطيل؛ ما هم..!
وها أنت يا ولدي المسكين تقرأ الكف مكرها،
والعراء تسكنه لغة ماجوج وياجوج..!
لغة تلبس أكثر من قناع، وتقتني لك أكثر من كفن، تسود بياضه بلاغة الحقد والقصاص.!. ولكأني بك يا ولدي كنت أعمى،
تماماً مثل هوميروس وهو يغني مزهوا سمفونياته إلى أن راعه بغتة
غياب كورال تنكر له نهارا جهارا، فخر جاثما على اسفلت ماخور الحب،
مثل فارس أعياه التجوال..
الحب أحبائي، اختبار الله فينا،
لا يقبل الجزية ولا أداء الضريبة على القيمة المضافة؛
هو من يعلمنا ثنائية:
إما أن نكون أو لا نكون..! هو من يطرز لنا هويتنا الحقيقية خارج المقايضة، ويستدرجنا إلى استثنائية الإنسان فينا، والاستثناء هبة ربانية خارجة من نورانيته وفيضه،
ولا يمكن لكائن من كان أن يصل مدارجها، إلا إذا كان بالفعل مجبولا منذ العنعنة على جوانيته،
ولا يمكن بل من المستحيل، أن يتحول إلى حقل تجارب فئران بافلوف..!
رباه، ومع ذلك تحول؛
تحول؛
ت..
ح..
و..
ل.!
......