الكاتب: د. عبد السلام فزازي
في أطلسنا الجميل..!
في أطلسنا الجميل، تعلمت أن ملكوت الله يكلمك وأنت تسافر في وعبر إرث غنائي يتولى القدسية من خلال الأغنية الرومانسية التي لا تقبل التمفصلات الحداثية ولا الما-بعد حداثية، لأنها ذاتها هبة طبيعية تعلو ولا يعلى عليها.. في أطلسنا الجميل تتوقف عقارب ساعات العالم حين تسرق منك الأغنية الأمازيغية كل حواسك وما فوق حواسك في بهاء رباني استثنائي؛ معها تصير اللغة مسيجة ببلاغة الصورة؛ وايقاعات الطبيعة التي خلقت واجتثت من المتضادين:
" هل اللغة توقيفية، أم هي اصطناعية.. "، تضاد تجيب عنه معادلة الطبيعة التي لا تقبل التشيء ولهذا فهي معادلة استثنائية، وهكذا تسافر بك إن طوعا أو كرها في ميتا- ماهية الطبيعة- الطبيعة، والطبيعة- الإنسان، وليس كل إنسان.. في أطلسنا تعلمت الإبتسامة ممزوجة بالبكاء، أكيد ليس بكاء الخنساء، بقدر ما هو بكاء الطبيعة، وأنت من خلال الأغنية الامازيغية تكتشف جمالية "المطلق" الذي لا يدرك.. مطلق تتنفس من خلاله الصعداء.. اسمع وتدبر أيها المتلقي كائنا من كنت، لتعلم أن حواسك هي الإدراك، عفوا ربما جسر يقودك إلى أن الحقيقة لا تحتاج منك فهم وادراك أي اللغة؛ الحقيقة ممثلة في: لغة وقلة وتر ثلاثي الأوتار ومغنية في زيها المحاكي للطبيعة، وطبيعة تحاورك قائلة: نحن ثلاثتنا المطلق؛ توقف هنا واخلع نعلك إنك في أطلس يعانق ملكوت الله..! كم كنت مغرا بك فيروز وأنت تغنين:" أعطيني الناي وغني؛ فالغناء سر الخلود.."؛ فكيف لي أن أقارن بين سمفونيتين؛ وكلاكما وجود وميتا- وجود..؟
فلماذا رباه آذاننا غدت صماء؟ لا الصرخات أصبحت تؤججها، ولا الابتهالات الربانية أصبحت تهيجها، ولا المآذن، والصواعق، والكنائس، والبيع، غدت ترهبها، وتجعلها خاشعة، لتنشد الصمت في الحجر؟لما لم نعد رباه نصغي للأشياء في خشوع أكثر من الكلمات التي تقال..؟ نصغي في ابتهال لصوت المياه، وهو يغني ويرتل مع إيقاعات الطبيعة التي تجبر الغابات على التأوه، وتجعل من يدري أن الأموات ربما يتنفسون في مدينة الأموات..؟
أي شريعة قاسية رباه تربكنا بالحياة، لتجعلها نرى الطبيعة باكية ومرتجفة بين أحضان الأشجار، وأحضان المياه الجارية وهي شبه نائمة..؟ لماذا لم نعد نصغي لما حولنا، بينما العالم يصغي إلينا..؟
ترى من يجرؤ منا أن ينكر أننا أصبحنا نحملق بانبهار في اللاشئ، إلى درجة أصبحنا نتساءل:
لماذا صرخنا وقت الولادة..؟أجل، لماذا صرخنا وقت الولادة..؟؟
.....