الكاتب: إدريس أمغار المسناوي
صدمة الوعي
وانا طفل، تانتحرك ف الفِناء، م الأشياء اللي نقشها محيطي العائلي ف ذهني الطفولي همَ أمثال، بحال : " الراس اللي ما يدور كُدْيَه "، " تبديل لمنازل راحَه " ، أَوْ " تبديل العتبه راحَه".
من بعد، ف سنواتي اللولى ف المدرسه غ نتعلم مقوله بالفرنسيه، ما تنساتش ليَّ، واللي تاتقول " الحجرَه اللي تدور ما تجمع خز1".
مقوله غ نلقى اختها من بعد ف امثالنا المغربيه، تاتقول: الحجره لمقلعَه كتديع وما كتنبَّت ربيع ".
آش غ نفهموا من هذ الحِكم ؟
أننا مطالبين نتحركوا، نهرسوا قيودنا الموروثه، نفكوا علينا العزله، نغادروا فِناء طفولتنا أوْ طفولتنا الفِنائيّه2، نبدلوا العتبَه، نبدلوا ساعه بأخرى، ندوروا على « رزقنا » المادي والمعرفي والفني فين ما كان، نخرجوا لاستكشاف ذاتنا الكوكبيَّه والمجريّه. ننخرطوا ف ديمومة النمو والازدهار متطلعين للتجدد والرقي. نمددوا مساحات رؤانا ف الآفاق للإشراقات الإبداعيه.
*
شخصيا ف تبديل لمنازل (أَوْ تبديل طُفولتي) لقيت راحتي، اللي بدات بالتمرد على الثابت المتحجر، واللي دفعتني نغادر الفِناء. هذ الراحَه تجلت لي لما عانقت حريتي اللي تانعتبرها خطوَه مهمَّه دفعت بحب استطلاعي القدام، وزادت توهج لشغفي المعرفي وهي تاتعطي تفرد لتركيبتي الجيناتيّه.
نقدر نقول أني عرفت راسي كوعي وانا تانكتشف ذاتي المجريَّه.
*
هذ تبديل العتبه أوْ لمنازل غ يخلق لي تحول كبير مع القراءه والكتابه. أنا اللي كنت خلال نص قرن تانقترف الكتابه ؛ أي تانمارس تدوين تفاعلاتي الذهنيّه وانفعالاتي النفسيّه وتغيراتي البيولوجيّه، أَوْ بعبارَه أوضح، كنت تانقوم بالتدريب ع الكتابه، مَكْتفي بالنقل والاستماع، صرت نتعلم كيف نشد على قدراتي ونستثمرهم ... كيف نتحكم ف زمام قوتي الداخليّه ونوجَّهها لفين بغيت ... كيف نغْني رصيدي اللغوي والمعرفي ونستخدمهم .. كيف نسيطر بالعقل على واقع الكتابه ونكتبني، وانا تانبحث بالسؤال والشك على تحديات للاستمرار ف (مشروعي)، متابع مساري (الإبداعي) المفتوح على مستقبل جديد.
*
تبديل العتبَه ساعدني نعيش طموح ذكائي ونتمتع برؤيه جريئه. كما دعَّم قدراتي على هندسة احلامي ف توسعها الأفقي والعمودي، ما ساعدني ف نضج تفكيري نحدد مصيري لإثراء تجاربي واستكشاف احلامي مع استشراف أبعاد جديده ؛ من حيث ادركت أن دماغي تايعمل داخل دماغ الكوكب الأرضي، وخيالي تايتحرَّك داخل الفردوس المجري ؛ لأني ف الأصل تانبقى كائن مجري.
هذ الخطوه ف الإدراك، وهذ الإيمان بالرساله الإبداعيه زادوني تحفيز وتوهج. جعلوني نتجاوز الخلافات والتفريقات والصراعات اللي خلقوهم اسلافنا وخلاوهم لينا ثقل على اكتافنا عن غير قصد، نتيجة الجهل وغياب التبصر والحكمه العقلانيّه، ما دفعني نعطي براسي بقناعه وحب للمستقبل الإنساني وللإنسانيه المستقبليَّه اللي ما تايعرفوش الحدود وما تايعترفوش بهم.
*
مع هذ صدمة الوعي .. مع هذ صحوَة التحرر م الفِناء أوْ من طفولتي الفِنائيَّه، غ نلقني طفل كوكبي قدام الفضاء. بتفتح ادراكي على الزمكان وتوسع معرفتي وحسي بالوجود غ ننتقل ف نموي وغ نكتشفني بحلمي الفلكي طفل مَجَري حال عينيه كبار ف الكون المَتمدَد بلا نهايه ǃ
أنا اللي قلت كبرت ف طموحي وتطورت ف وعيي، تانلقني مرَّه اخرى طفل قدام العقل والإدراك و طفل ف الحياة ؛ لكن هذ المرَّه طفل كوني3 قدام السدم والغازات والغبار والمادَّه المظلمَه والثقب السودا(ء) والبيضا(ء) وملايير المجرات الحاضنات ملايير م الأجرام السماويه ومن عناقيد النجوم. طفل " اختار يشوف نفسه كما تايشوفوه الكون 4 "
طفل ادرك أن " كل شي تغيير، مشي باش ما نكونوش وإنما باش نصيروا ذاك الشي اللي باقي ما وصلنا له5.
*
و( كتابتي )، ف هذ المسار كله ، ما سوَّلني حد عليها ǃ؟
كتابتي، بقت ديما كتابة طفل كان تايحلم و مازال ....
و للكون ما أعطى وما أخذ ، وللإنسان ما أخذ وما اعطى ....
*** * ***
دام : 2971 / 2973 ( التاريخ الأمازيغي ) الموافق 1442 / 1445 هـ ،الموافق 2021 / 2023 م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ــ pierre qui roule n’amasse pas de mousse
2 ــ أَو الأرضيه . نخاف يكون عقلنا باقي أرض أرض
3 ــ شحال غ يتزاد للواحد من السعد والسعاده وهو تايعيش كمالة طفولاته فنيا .. كوكبيا
.. مجريا .. كونيا، اللي ما يمكن إلا يعطيوه نضج ورقي وإشراق....
4 ــ المقوله للكاتبه الإمريكيّه لويز هاي
5 ــ قالها الفيلسوف الإغريقي إيبيكتيتيوس :
_ Tout est changement, non pour ne plus être mais pour devenir qui n'est pas encore (Epictete)
.....
.....