الكاتب: سعيد فرحاوي
حميدة بلبالي يعيد النظر في الحياة ليصنع الفراغ جغرافية لتيه هارب
وحده الزجل من يرتب تمثلاتنا الخائبة .
كتابة البوح المجروح ترسم لوحة للتشظي عنوانا لغياب في متاهة الافتقاد.
الزجل ملحمة النفي وتشطير الذوات لخلط اوهام احلامنا فتصبح الروح بحرا ومدادا لالغار خفية تمطط وجودا في حكاية العدم.
تلك مؤشرات كتابة ارادها احميدة بلبالي معجما منه نستنشق هواء ضياعنا في مدن تسكعاتنا الغائبة.
حميدة بلبالي في لعبة تماهي الذوات المقعرة في ذاته الهاربة من ذاته المنسلخة يرتب مدن الريح ،او شاعر في شعرية حلول الذوات المخطوفة يصنع قدر الطيش الاحمر ،ليحيى في متاهة وطن عمقه انا هاربة ، تبحث لنفسها عن دوامة التشكل، ليخرج الحلم من رحم الضياع، اساسه رؤيا تقود الريح نحو مجهول غادر.
بناء على ماسبق، من خلال تأملي الطويل في هذا النص الاشكالي، بدى لي ان الزجل المغربي، هنا طبعا اتكلم عن الجيد، لايمكن فهمه، كما لايمكن السير قربه وملامسه شعره ومعاتبة حمقه ، وتقبيل عطره ان لم نتعمق فيه من رؤية الزجال عينه، بمعنى الزجل بكل تيهه ، يمكن احتضانه ومصاحبته بعين الزجال، التي منها يقرع عالم الكتابة، لذلك فقراءة نص حميدة بلبالي تسعفنا ان نراه بجنوننا ، ان نحاوره بحمقنا ، لانه يبتسم للحمق بصيغة يفهم فيها عالم الحمق وتيه الجنون، ولما لا وهو يعيش في عالم تعمه الفوضى ، الكل فيه يرقص على وقع موسيقى ضجيج لامتناهي. ان نص بلبالي حول مني وفي كل ماله صلة بواقع العقلاء، غير مسعاي، بدل المجاري التي تحركها دماء منعرجة تتوغل في عروقي شعرا، كتابة اربكتني، مما اهلني حمقها ان انفي بدوري فردا يتوغلني، رؤيا رجل خارج المعتاد ، رجل مصمم على نفي الاخر الذي يخترقه في ذاته المسيجة باحلام مهرولة، يظهر مطلا علينا برغبة واضحة اساسها ارادة واضحة تبدأ من محدد مركزي سماه بمكان محدد / الذات، وزمن غائب في الحاضر المستقبل كل الغيابات فينا ، يبدأ بالاخر الذي هو في الاصل الذات الطائشة المنفية والمجردة ، فتبدأ صناعة العوالم في التشكل خارج الارادات التائهة، شاعر بموضوع واضح(الرغبة في نفي الاخر)، المساعد ارادة سرية في ذات ملغية، المعاكس ذات في ذات بصورة التردد( لقيتيني فيه)، يتحول ليجزئ عوالم هذا الاخر الحاضر في ذات بلا حدود، في الاول يظهر الفنان بلون احلام مرفقة باوهام ملتوية ، ليصبح الموضوع لعبة في التماهي، فنان يدرك لغة اختلاط ادواة من خيال هارب، فتتحول المسارات الى رؤيا في واقع تهمه قيادة الريح ، لعله يقدر على امساك نجمة من فراغ ترسم قميص عروس تلعب فرحة بالوان طيف في جغرافية الخواء. المثير في هذا النص، هو ان احميدة بلبالي لم يترك كائنا الا وكلمه، ابتدأ بالذات لينفيها، عاد الى الزمن ليكسره، احتضن المكان ليلغيه، ركب النجوم ليطفيها فيعم الظلام وتتوقف الحياة، هاجر على سفينة الاوهام الدفينة فيه ليلغينا ، عانق الاحلام الهاربة ليحتوينا ، علمنا الحب المنتهي فينا ليعاتبنا ، عانق الامل الغائب خارج اراداتنا، امتطى حصان الريح ليهرب بمتاهاته خارج وجود غير محدد سلفا، في الاخير امتطى حصان المرايا ليتعرى ويعري وجوهنا المقعرة، فكان الزجل وحده مسعفا ككتابة لجمع كل مايراه مسعفا لصناعة وجود من وهم في انتماء فارغ.
ربما تلك جزئيات صغيرة تشكل خصائص القصيدة الجديدة كما تراها الموجة الجديدة التي جاءت لتشق لنفسها عهدا مغايرا عن كتابات اخرى حاولت بكل الطرق ان تكسر هذا النوع من الكتابة بدون جدوى، او ان كتابات بلبالي الى جانب كتابات اخرى جاءت لتمثل نماذج من الشباب القادم بقوة، تجربة كسرت شوكة كتابة قديمة ،بدأت في الانقراض ، مما اقلق اصحابها فحاولوا بكل الطرق تجاوز وانكار هذه النماذج الجيدة.
من هنا نقف تحية احترام و تقدير لها ، لانها استطاعت ان تقوي هذه التجارب وتدفع بها ان تعطي نفسا قويا للزجل الجيد، وهو ماجعل احمد لمسيح يقول في احدى الملتقيات ان الكتابة الزجلية الجديدة تتثلج الصدر وتجعلنا نتنبأ بمسقبل قوي للزجل المغربي.
بغيت ننفيه لقيتني فيه
فنان
من احلام واوهام
خلط ألوانه،
رسم خيّال
قايد سربه من لحلام
وظل هارب ليه
راهم ك يحاكموه
التهمه:
ك يقود الريح.
رسم نجمه
ك تمشط سالف عروستها
مفصله ليها
قفطان ب الوان الطيف
خطفوها يا لطيف
التهمه:
ك تزغرت للريف.
من خوفه
هرب لون التراب
يده هربت منُّه
والشيته
بلا احكام
رسمت فجر طاير ليه
ورسمني بلا ما يفكر
راوي ...
خلاني مع حلمه
قال شافني سهران معاها
نحكي ليها
على وردة
طلت
تشكر الريح
رتب ميعاد مع سحابه
وخلاها تعطس
فوق ترابي
هكذا نبتت شوفة صباحي
مقلقها همس البارح،
هذا ما قالت لمرايا
طاح ف سرابها
وجه لابسني
بايت ساحي
واصبح سكران.
رسمك أنت
ورده عطشانه
خانتها الشتا
تتفوه
حتى فيقها الندى،
ورده
تبكي عطر
دارتها بها
يد عاشق
قدمها رشوه لحبيبته،
خلا الحديقه مهمومه
ويد برّانيه
مبرّيَه من غرامي
ها علاش ليلي مقلق !!!!
الصباح
مسَتنِّي نور
مسّنِي منه خوف
من سكاتي
خرج كلام غريب
شوّش على تركيز الفنان
يمكن وشوش
ليه ف وذنيه
خلط اللوان ... وسّخ اللوحة ...
صبغ أرضية جديده
ورسمنا ثاني
جوج كسدات
بلا راس بلا رجلين
وعين حايره ف التأويل.
بين لبيض والرمادي
مشتته اللوان
و رمادي
قبل ما تدريه نار الشهوه
ويديع تأويله ف الطرقان
نبت حطب مسحور
عنق جمرك
وشعل فرحه ... حمره/ ...
سكناها
وشخنا ف اللوحه.
كنت تزغرتي للريف
مجبده حبل الوقت
ثقتِ ف نص عقلي
كنت نقود الريح
نكذب النص الثاني من عقلي
غرقت فيّ
وخليتيني مغرب فيك.
هكذا قراتنا عينين "الناقد"
لوحه
اصبح عليها النهار
احلام عيانه
سما
مرسومه ف عينيك
ودهشه شايطه من لغروب.
مرسم مروّن
وسهير مثقل على جفون الفنان
وأنت حتى أنت زدت فيه
فقت قبل ما يكمل
القمر حديثه
خليتي النجوم
عطشانه
ل نهاية لحكايه
وقلق كبير
ف الشيته
ف اللوان.
ف الليله التاليه
ب "رتوش" خفيف
شوق ف شي حاجه
عاودك الفنان ف "لوك" جديد
حركتي اعماقه
خرجتي احماقه
وجاراك ف لفهامه
عليها شكّلني لك
كيف الباقي من صباحي
خوف منك ... خوف عليك
يمكن خوف
على شي حاجه مشروكه.
جوج كسدات
علقنا الفنان
على حيط المرسم
بلا راس
بلا رجلين
حرمنا من المشي
حرمنا من التفكير
بجنبنا ولد
ك يلعب على عود من خياله
ظل بنت ك تمشط
عروسه من لقصب
وخوف فنان
نسى يديه …. نسى اللوان
وعنق التيه
.....
.....